Header AD

تأهيل معلمي اللغة العربية في إندونيسيا وبروناي دار السلام

عبدالرحمن موسى أبكر
أستاذ مساعد، قسم اللغة العربية،
جامعة بروناى دار السلام
(قدم للنشر في 23/11/1420هـ ؛ وقبل للنشر في 19/2/1421هـ)

خلاصة البحث. يشتمل البحث علي جزأين : في الجزء الأول يتناول الباحث واقع تعليم العربية في إندونيسيا بروناى دار السلام والمعاهد والمؤسسات التي تعنى بإعداد معلمي اللغة العربية . وأما الجزء الثاني ، فيعرض فيه الباحث نظم إعداد المعلمين ومقومات تأهيل معلمي اللغة العربية للناطقين بغيرها علي هدى النظم الحديثة لتأهيل معلمي اللغات. ثم يتطرق لدراسة ميدانية أجراها في عشر جامعات إندونيسية وجامعة بروناى دار السلام ويحلل نتائجها ويقدم التوصيات التي يرى أنها كفيلة بسد أوجه القصور في تأهيل معلمي اللغة العربية في إندونيسيا بروناى دار السلام .

مقدمة البحث
يكاد المختصون في الشأن اللغوي يجمعون على أهمية اللغة العربية بين لغات العالم القديم والحديث،ولقد اكتسبت هذه الأهمية بفضل ارتباطها بالإسلام ؛إذ نزل بها القراّن الكريم،كلام الله المعجز على نبييه الكريم صلى الله عليه وسلم          (سورة يوسف، 2) ، وورد في موضع آخر          (سورة الزخرف،3).
فالقراّن إذن "كلية الشريعة" [1، ص 200]،ولأنه وجب على المسلمين فهم وتدبر آياته           (سورة ص، 29)،وفى هذا أمر صريح بتعلم العربية ،لأن التدبر هو الفهم ، ولا يكون ذلك إلا بدراسة العربية وفهم أسرارها .
وفى مختلف فترات التاريخ الإسلامي لم يقل اهتمام المسلمين غير العرب عن اهتمام المسلمين العرب بالعربية وعلومها ،وقد ظهر ذلك فى أعمال كثير منهم ، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر الثعالبي والرازي، وأشار شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن "الذين تناولوا العلم والإيمان من أبناء فارس إنما حصل ذلك بمتابعة الدين بلوازمه مع العربية وغيرها"[2،ص،62].
ولم يشذ المسلمون فى جنوب شرق آسيا عن هذه القاعدة ،إذ منذ وصول المسلمين إلي أرخبيل الملايو في القرن السابع الميلادي، وانتشار التجار العرب في الموانئ التجارية العامرة فى سومطرة وبالمبانج، نشطت جهود تعليم العربية على يد القادمين بالدين الجديد ،وكذلك على أيدي الذين اعتنقوا الإسلام من الوطنيين. ويرجع فضل كبير فى نشر العربية في أرخبيل الملايو لمعلمي المعاهد الإسلامية التقليدية والمعروفة في إندونيسيا ب Pondok Pesantren ، إذ تخرج فيها آلاف الدارسين، ثم تلتها المعاهد العصرية والجامعات في حمل لواء تعليم العربية .
ويرمي هذا البحث إلى النظر في معاهد تأهيل المعلمين ومحتوى برامجها في كل من إندونيسيا- أكبر بلاد المسلمين-وسلطنة بروناي التي تولى جهدا مقدرا لتعليم العربية والعلوم الإسلامية ؛ وذلك بغية مناقشة أوجه القصور في هذا التأهيل وتلمس الحلول الممكنة لتطويره.
الشق النظري
أهمية البحث
من الحقائق التي لا جدال فيها في مجال تعليم اللغات أن المعلم والطالب والمنهج والظروف التي يتم فيها التعليم والوسائل التعليمية هي الأركان التي يستند إليها كل تعليم جاد ومثمر لأي لغة من اللغات.
ومن المسلم به أيضا أن هذه المتغيرات مكملة لبعضها البعض في تحقيق الغايات المنشودة من تعليم اللغة ،ولكن من المتفق عليه أيضا أن المعلم هو أهم هذه المتغيرات؛ إذ هو الموجه والمرشد للمهام التعليمية كما أن تأهيله وإعداده على الوجه الأمثل هو صمام الأمان لإنجاح تعليم اللغة.
ولقد أشارت عدة دراسات إلى القصور الواضح في تأهيل معلمي اللغات الأجنبية، وبالذات اللغة العربية للناطقين بغيرها، ويجدر بنا في هذا المقام أن نشير إلى أن دراسات عدة تناولت برامج تأهيل معلمي اللغة العربية لغير الناطقين بها في البلاد العربية ،ولكن الدراسات التي تناولت تأهيل معلمي اللغة العربية لغير الناطقين بها في المجتمعات الإسلامية ،وبالذات في جنوب شرق آسيا، قليلة ونادرة -حسب علمنا- ومن هنا تكتسب هذه الدراسة أهميتها.ولعل نتائجها تعين على رفع مستوى برامج إعداد المعلم الحالية في كل من إندونيسيا وبروناي دار السلام.

مشكلات البحث
أشارت دراسات عديدة إلى ضعف وتدني الكفاءة اللغوية لمعلمي اللغة العربية لغير الناطقين بها في المجتمعات الإسلامية ،وفى هذا الصدد يشير محمد غفران زين العالم -العميد الأسبق لكلية الآداب في جامعة سونن امبيل في سورابايا (إندونيسيا) "بل لا أكون مبالغا إذا قلت أن كثيرا من مدرسيها [مدرسي اللغة العربية لغير الناطقين بغيرها في إندونيسيا] لا يجيدونها" [3،ص 209].
والحق أن هذه حقيقة ثابتة للعيان يلمسها العاملون في مجال تعليم اللغة العربية في إندونيسيا وبروناي ، فرغما عن الاهتمام الكبير الذي توليه هاتان الدولتان لتعليم العربية ونشرها، إلا أن هنالك ضعفا واضحا يعانى منه الطلاب في كليات الآداب والتربية والدراسات الإسلامية ، وهى الكليات التي تمد المؤسسات التربوية المختلفة بمعلمي اللغة العربية .
وعلى ضوء هذه المعطيات تم تحديد مشكلات البحث في الإجابة عن الأسئلة التالية:
1- ما واقع إعداد معلمي اللغة العربية في الجامعات الإندونيسية وفي جامعة بروناي دار السلام ؟
2-مدى مناسبة هذه البرامج ومواكبتها للنظم الحديثة لتأهيل معلمي اللغات الأجنبية؟
3- كيف يتم تدريب معلمي اللغة العربية في المدارس الثانوية والجامعات أثناء الخدمة في كل من إندونيسيا وبروناي دار السلام ؟

أهداف البحث
يهدف الباحث إلى النظر فيما يلي:
1-محتوى برامج إعداد معلمي اللغة العربية في الجامعات والمعاهد العليا للعلوم التربوية في إندونيسيا وجامعة بروناي دار السلام .
2-برامج تدريب معلمي اللغة العربية في الجامعات والمدارس الثانوية أثناء الخدمة في إندونيسيا وبروناي دار السلام.
3- تقويم برامج إعداد معلمي اللغة العربية في إندونيسيا وبروناي دار السلام على هدى التوجهات الحديثة لإعداد معلمي اللغات لغير أهلها.

خطة البحث
يتكون البحث من شقين نظري وتطبيقي؛ فأما الشق الأول فيتكون من جزأين:
الجزء الأول:يتناول فيه الباحث واقع تعليم اللغة العربية في إندونيسيا وبروناي دار السلام والمعاهد والمؤسسات التي تعنى بإعداد معلمي اللغة العربية. الجزء الثاني: يعرض الباحث فيه مقومات إعداد وتأهيل معلمي اللغة العربية للناطقين بغيرها على هدى النظم الحديثة لتأهيل معلمي اللغات.كما يعرض في هذا الجزء أيضا دراسة ميدانية أجريت في عشر جامعات إندونيسية وجامعة بروناي دار السلام، يقوم الباحث بتحليل وعرض نتائجها بالاستناد إلي المستجدات الحديثة في مجال تأهيل معلمي اللغات الأجنبية.

واقع تعليم اللغة العربية في إندونيسيا وبروناي دار السلام
واقع تعليم اللغة العربية في إندونيسيا
يوجد في إندونيسيا نوعان من التعليم:حكومي وأهلي :فالتعليم الحكومي يتمثل في المدارس والجامعات التي تقوم وزارة التربية والثقافة بالإشراف المباشر عليها ، وهى في مجملها دراسة أكاديمية ،ويتم تدريس اللغة العربية في المدارس الحكومية التابعة لوزارة التربية في المرحلة الثانوية العالية كمادة اختيارية في السنة الثالثة من هذه المرحلة ولمدة ست عشرة ساعة أسبوعيا (كمثيلاتها من اللغات الأجنبية الأخرى-الفرنسية والألمانية واليابانية).
وتبلغ نسبة ساعات تدريس اللغة العربية 8,6 % من عدد الساعات المقررة في السنة الثالثة. وفي المدارس الحكومية التي تقوم وزارة الشؤون الدينية بالإشراف المباشر عليها، تعدّ اللغة العربية مادة أساسية منذ التعليم الابتدائي حتى نهاية المرحلة الثانوية العالية ، ويبلغ مجموع ساعات تدريس اللغة العربية 740 ساعة في هذه المراحل ، منها 281 ساعة للمرحلة الابتدائية ، و205 ساعة للمرحلة الثانوية، و204 ساعات للمرحلة الثانوية العليا. ولعل ذلك يعكس بوضوح الأهمية التي توليها وزارة الشؤون الدينية لتعليم اللغة العربية ، ويوجد اليوم في إندونيسيا 5400 مؤسسة تربوية إسلامية تضم نوعين من المؤسسات ،فالنوع الأول تقع تحت مظلته المراحل التالية:
- المدارس الإسلامية الابتدائية
- المدارس الإسلامية الثانوية
- المدارس الإسلامية العالية
ويبلغ عدد الطلاب الملتحقين بهذه المراحل 677 ,457, 41 طالبا ، وتعدّ شهادات خريجي هذه المدارس معادلة لشهادات خريجي المدارس الحديثة التابعة لوزارة التربية.
وأما النوع الثاني من المؤسسات الإسلامية، فهي المدارس الدينية، ولا تدرس غير المواد الشرعية،ويبلغ عدد طلابها 300, 109, 5 طالب. وفى مرحلة التعليم العالي يوجد نوعان من المؤسسات التعليمية الإسلامية، فهناك الجامعات الإسلامية الحكومية التى يبلغ عدد طلابها 103000 والمعاهد الخاصة للدراسات الإسلامية ، ويبلغ عدد الملتحقين بها 80000 طالب.
وتهتم وزارة الشؤون الدينية أيضا بتخريج نخبة من المتخصصين في الدراسات الإسلامية ، ولقد تم في هذا الصدد إنشاء ( المدرس الإسلامية العالية الخاصة) وتشكل المواد الشرعية 70 % من مواد المنهج الدراسي، والمواد غير الشرعية 30 % ، وعدد هذه المدارس عشرا وتستوعب 22000 طالب.
وأما في المؤسسات الأهلية ، فإن الأمر يتفاوت من مؤسسة لأخرى حسب تصورات القائمين عليها. وفى المعاهد التقليدية للتعليم الإسلامي Pondok Pesantren،أقدم مؤسسات التعليم الإسلام في إندونيسيا-والتي يبلغ عددها 9636 معهدا، وتضم 801, 048, 1 دارس، تولى أهمية خاصة لتعليم العربية لأنها مفتاح المعارف الإسلامية الأخرى التي تدرس في هذه المعاهد [4،ص65].

واقع تعليم اللغة العربية في بروناي دار السلام
نشأت مملكة بروناي في نهاية القرن الرابع عشر وبداية القرن الخامس عشر الميلاديين وسرعان ما استقر فيها الدعاة العرب يعلمون السكان مبادئ الدين والعربية. وتعلم البروناويون العربية لأنها مفتاح العلوم الشرعية . وفى القرون الماضية سافر عديد من أهل بروناي إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة والأزهر الشريف بالقاهرة لتلقى العلم الشرعي. وتشير المصادر إلى أن تعليم العربية قد شهد ازدهاراً مطردا في الأربعينيات في القرن العشرين، حيث التحق عدد غير قليل من البروناويين بمعاهد التعليم الإسلامي في ماليزيا. وتوجد حاليا مدرستان عربيتان ثانويتان(للبنين والبنات) تدرس فيهما اللغة العربية والعلوم الإسلامية.
ويتم تعليم اللغة العربية أيضا في معهد المعلمين الديني، ومعهد بروناي الإسلامي في توتونج، والمعهد العالي للدراسات الإسلامية (التابع لوزارة الشؤون الدينية)، وفي كلية الدراسات الإسلامية في جامعة بروناي دار السلام [5، ص 185].

مؤسسات تأهيل معلمي اللغة العربية في إندونيسيا
يتم تأهيل معلمي اللغة العربية في المؤسسات التالية:
1- المعاهد العليا للعلوم التربوية
2-كليات الآداب في الجامعات الإندونيسية
3-كليات التربية في الجامعات الإندونيسية
4-جامعات العالم العربي والإسلامي
وقد انعكس هذا التعدد في مصادر تأهيل المعلمين على كفاءة المعلمين وأدائهم،وكذلك على مناهج تعليم اللغة العربية والكتب الدراسية المستعملة. ونسبة للإقبال الكبير على تعلم العربية،فإن أعداد العاملين في هذا المجال كبيرة أيضا ، ففي المعاهد التقليدية للتعليم الإسلامي يبلغ عددهم22147 معلما [4]. ويبلغ عدد معلمي اللغة العربية التابعين لوزارة التربية 3017 معلما ، فضلا عن الذين يعلمون اللغة العربية بجانب تخصصهم الأساسي ويبلغ عددهم 1500 معلم. وأما المعلمون العاملون في وزارة الشؤون الدينية ،فيبلغ عددهم 000 , 120معلما [6،ص64].
وتبذل كل من وزارة التربية ووزارة الشؤون الدينية جهودا طيبة لتدريب العاملين أثناء الخدمة in-service training ، إذ أنشأت الوزارة لهذا الغرض المركز القومي لتأهيل معلمي اللغات في جاكارتا في عام 1978م، والذي ساهم بالتعاون معهد العلوم الإسلامية والعربية في جاكارتا (التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ) في تدريب 1275 معلما في دورات تربوية طويلة وقصيرة.
ولوزارة الشؤون الدينية خطة طموحة لتدريب معلمي اللغة العربية، ولقد تم وضع تصور لهذه الخطة عام 1995 وبدأ تنفيذها عام1997 م ويتوقع إكمالها عام2003. وتهدف هذه الخطة إلى تدريب 22500 معلما أثناء الخدمة.
أن توظيف هذه الأعداد الكبيرة من المعلمين لخير دليل على الأهمية التي توليها إندونيسيا للغة العربية ،ولكن هذا الاهتمام لا تسنده استراتيجية واضحة الأهداف في مجال تأهيل المعلمين على المستوى القومي إذ أن مؤسسات التأهيل متعددة ومحتوى مناهجها وتطبيقه تتفاوت فاعليته من مؤسسة لأخرى.
مؤسسات تأهيل معلمي اللغة العربية في بروناي دار السلام
يعمل في مؤسسات ومعاهد تعليم اللغة العربية متعاقدون من الدول العربية ومن ماليزيا وإندونيسيا و أ ما المعلمون المحليون فقد تخرج معظمهم في أقسام اللغة العربية والدراسات الإسلامية في الجامعات العربية وبالذات الأزهر.
كما يتم تخريج معلمي اللغة العربية في كلية الدراسات الإسلامية ومعهد السلطان حسن البلقية للدراسات التربوية،حيث يحصلون على بكالوريوس التربية في الدراسات الإسلامية. ويبلغ مجموع الوحدات التي يدرسونها في إطار هذا البرنامج أربع وحدات دراسية (بواقع ثلاث ساعات في الأسبوع) وتستمر هذه الدراسة حتى الفصل الرابع ،أي نهاية السنة الثانية. وعليه فهؤلاء الخريجين غير متخصصين في اللغة العربية وهم الذين يشكلون الآن نواة معلمي اللغة العربية من البروناويين العاملين في وزارة التربية.
وقبل الشروع في تقويم برامج تأهيل معلمي اللغة في إندونيسيا وبروناي دار السلام، يلزم إلقاء الضوء على النظم السائدة في مجال تأهيل المعلمين وكذلك الاتجاهات الحديثة في تأهيل معلمي اللغات .

نظم تأهيل المعلمين
من المعلوم أن نظم تأهيل المعلمين تتفاوت من دولة إلى أخرى، ولكن إجمالا يمكن القول بأن هذه النظم تنقسم إلى قسمين:
النظام التكاملي
يتم تأهيل المعلم- تبعا لهذا النظام-في كافة الجوانب العلمية والمهنية والثقافية في كلية واحدة مستقلة ، وهي كلية التربية أو معهد إعداد المعلمين(بعد إكمال المرحلة الثانوية). وتستغرق الدراسة عادة أربع سنوات، يدرس فيها الطالب مواد التخصص الأكاديمي الذي يرغب فيه سواء أكان علميا أو أدبيا . وتكمل هذه الدراسة بمواد تربوية ومهنية تعد المعلم لإكمال رسالته على الوجه الأكمل، بالإضافة إلى مواد ثقافية عامة تعينه على التعرف بصورة أفضل على خصائص مجتمعه وخصائص الدارسين المناط به تدريبهم. والحق أن هذا النمط من التدريب هو الأكثر شيوعا في مجال تأهيل المعلمين ويعتقد المختصون أنه أثبت فاعليته إلى حد كبير.
ومن محاسن هذا النظام أنه يحوي تكاملا بين الإعداد الأكاديمي والمهني داخل إطار تعليمي موحد، كما أن الملتحق به يرتبط بمهنة التدريس منذ التحاقه بكلية التربية أو معهد تأهيل المعلمين، فيتكيف على أجواء المهنة ومتطلباتها، ويمثل ذلك إعدادا نفسيا طيبا للعمل في هذه المهنة مستقبلا.

النظام التتابعي
كثيرا ما يسند لكلية التربية تأهيل أعداد كبيرة من المعلمين من خريجي كليات مثل الآداب والعلوم والزراعة والحقوق، فتعد لهم البرامج التي تعينهم على التزود بالعلوم التربوية اللازمة لمهنة التعليم.وهذا النمط من الإعداد له فوائده الجمة؛ إذ يسمح في فترة وجيزة بتأهيل أعداد كبيرة من المعلمين وإن كان يعاب عليه أنه يقدم تأهيلا سطحيا في المواد التربوية والمهنية ؛ وذلك لقصر مدة البرنامج إذ كثيرا ما يؤدى الملتحقون بالبرنامج أعمالهم نهارا ويزاولون الدراسة بعد الانتهاء من العمل [7،ص32].
ومن العيوب الكبرى لهذا النظام أنه يعدّ إجراء علاجيا للأمر الواقع ، إذ غالبا ما يكون هم الدارسين عند التخرج في الجامعة الحصول علي وظيفة في مجال التخصص نفسه الذي درسه في الجامعة ، ولكن لضيق فرص التوظيف في المجال الأصلي وللحاجة الماسة للمعلمين في كثير من المجتمعات ،يلجأ الخريجون للعمل في مجال التدريس وبهذا الفهم يعدّ التعليم محطة يغادرها المعلم متي ما تيسر حل أفضل.
وللأسف لا يعدّ مجال تعليم العربية للناطقين بغيرها استثناء ، إذ ينطبق عليه ما ينطبق علي مساقات التعليم الأخرى. ولعل هذا الواقع هو الذي يجبر السلطات التعليمية علي تبني النظامين التتابعي والتكاملي كوجهين لعملة واحدة لا يمكن الاستغناء عن أي واحدة منهما ، إذ لكل ضرورات وأهداف منوط به تحقيقها.

التأهيل الأساس لمعلمي اللغة العربية
يعتقد المختصون أن برامج تأهيل معلمي اللغة العربية للناطقين بغيرها في النظام التكاملي ينبغي أن تشتمل علي الجوانب التالية :

الإعداد الأكاديمي
يعني في هذه المرحلة من إعداد المعلم إتاحة الفرصة له حتى يتلقى الدراسات المتخصصة في مجال المعرفة ،وينبغي أن تخصص لمعلم اللغة العربية فترة كافية لدراسة اللغة العربية والثقافة الإسلامية ؛ وذلك لأن الكفاءة اللغوية هي الأساس الذي ينبني عليه تعليم وتعلم أي لغة من اللغات.
ولقد لمست في كثير من مؤسسات تأهيل المعلمين أن معلمي اللغة العربية للناطقين بغيرها يدرسون في هذه المرحلة أمهات كتب التراث الإسلامي والعربي دون الأخذ في الاعتبار مناسبة محتواها مستوى الدارسين أو التدرج في عرض موضوعاتها ، فبدلا من ذلك ينبغي أن يشرع في تعليم الدارسين المهارات اللغوية (الاستماع والكلام والقراءة والكتابة ) ويلي ذلك تلقي دراسات في علم اللغة العام والتطبيقي أو بالأحري علم تعليم اللغات الأجنبية didactique des langues etrangères ، وأسس تعليم اللغة الأجنبية والتقويم وتصميم الاختبارات لقياس مختلف المهارات اللغوية .
ولا يعني هذا توجيه كل وقت الدارسين للتعمق في هذه الدراسات ، ولكن الإلمام بها أمر حتمي ، ويسهم في تبصير المعلم بطبيعة اللغة وإسهامات علومها المختلفة في تطوير تعليم اللغة للناطقين بغيرها وإكسابه القدرة علي تحليل المواقف التي يمر بها في التعليم وتفسيرها بغية التوصل إلى حلول ناجعة لما يواجهه من صعاب .

التأهيل المهني
يشمل التأهيل المهني سائر الدراسات النفسية والتربوية التي يتوقع أن تعين المعلم علي إدراك طبيعة المهنة التي سيمارسها ، وكذلك خصائص المعلم وقدراته واستعداده والطرائق المناسبة التي يمكن تطبيقها في تعليم اللغة الأجنبية. ويجب أن يشتمل هذا التدريب أيضا علي تدريب عملي علي تعليم اللغة العربية يطبق فيه المتدرب ما تعلمه من علوم نظرية . وتعدّ هذه الفترة فترة اختبار مهمة للمتدربين، خاصة وأنه ثبت بالتجربة أنه ليس كل طالب متميز في المواد الأكاديمية والتربوية النظرية يصلح لممارسة هذه المهنة مستقبلا، إذ لا بد للمعلم من استعداد شخصي يؤهله لمزاولة مهنة التدريس.

التأهيل الثقافي
يهدف هذا التأهيل إلى إطلاع المعلم على الخصائص الثقافية للمجتمع الذي سوف يمارس فيه مهنة التعليم وما يميزه من غيره من المجتمعات ، فيدرس المتدرب معارف شتي مثل التاريخ والبنية الاجتماعية والفلكلور وعلم الأنثروبولجيا الاجتماعي ، أي كل ما يمت لثقافة المجتمع المعني بصلة.

الإعداد الشخصي
ويقصد به الجوانب الشخصية التي ستؤدي إلى نجاح المعلم في مهنة التعليم
و أهمها القدرة علي المواءمة بين سلوكه الاجتماعي وقيمه ومعتقداته وأخلاقه، إذ هو في نظر الدارسين القدوة التي ينتظر منها الكثير كما أن سمات شخصه تنعكس بالضرورة علي الدارسين ، لذا أضحي لازما الاختيار الدقيق لمن تسند إليه مهنة التعليم.
وهناك صفات كثيرة اتفق التربويون علي توافرها في المعلم، ولكن هناك من الخصائص ما يميز معلم اللغة العربية كالتمسك بالمعتقدات ،وخاصة إذا كان يعلم أبناء المسلمين، ويمكن إيجاز هذه السمات فيما يلي :
أ ) التدين بحسبانه موضوعا للإخلاص والجلد علي بلوغ الهدف.
ب) الاتزان في الانفعال ، أي القدرة علي كبح جماح النفس والثبات في المواقف الصعبة.
ج) الثقة بالنفس ، ويعني إدراك المعلم لذاته المهنية وحبه وحماسه للمهنة التي يمارسها.
د) القدرة على التفاعل مع الدارسين وتلبية احتياجاتهم.
هـ) الموضوعية أي عدم التعصب لآرائه والتمييز في معاملة الدارسين.
ويعدّ بإعداد الشخصي أمرا بالغ الأهمية ،إذ هو المؤشر على نجاح المعلم في مهنة التعليم وهو جانب أشارت الدراسات إلى أنه ينمو من خلال الجوانب الثلاثة الأخرى في مرحلة الإعداد.

5 - التأهيل المستمر
يعدّ تأهيل المعلمين من الأعمال التي تتطلب جهدًا مضنيًا علي الصعيدين النظري والعملي علي حد سواء ، ويعتقد أنه ما من مجال من مجالات التربية طاله النقد مثلما طال هذا المجال . ولذلك اضطر القائمون علي حقل التعليم إجراء التجارب والبحث عن الجديد استجابة للضغوط والتحديات التي توجه المعلمين وممارستهم للمهنة . وقد أدي ذلك إلى ظهور فكرة التدريب المستمر التي ما فتئت تكتسب أهمية خاصة منذ ثلاثين عاما خلت، وذلك أن تأهيل المعلم أمر يتسم بالاستمرارية ، كما أن سعي المعلم لتطوير مهاراته سيحفز بدوره الدارسين لتطوير مهاراتهم باستمرار .
ومن هذا المنطلق فإن التأهيل الأساس للمعلم يجب أن ينظر إليه على أنه المرحلة الأولي من عمل دءوب ومتصل ،كما أن أهداف التعليم الأساس والمستمر يجب ربطهما بصورة وثيقة علي ضوء الخبرات العلمية المكتسبة من ممارسة مهنة التعليم في المجتمع نفسه.
ومن الطبيعي أن تختلف أهداف التعليم المستمر من مجتمع لآخر ، ولكن المختصون في مجال التربية يوجزون هذه الأهداف فيما يلي:
أ ) الشمولية : وهي التخطيط الشامل للأنشطة والتجارب التي يمكن أن تسهم في الدفع قدما بالتعليم مدى الحياة.
ب) التكامل: ويعني به ربط برامج تأهيل المعلمين بمتطلبات الحياة في المجتمع .
ج ) ويعني تنويع محتوي المناهج وطرائق التدريس وأوقات التعلم.
د ) الأخذ بكل الوسائل المتاحة : الاعتقاد بأن التعليم يمكن أن يتم بالقنوات النظامية وغير النظامية.
وفيما يتعلق بتأهيل معلم اللغة العربية للناطقين بغيرها ، يلزم ترجمة الأهداف العامة السابق ذكرها إلى أهدف تدريبية تتناسب مع واقع التعليم وتأخذ بخصوصيته ، ويمكن مبدئيا رصد الأهداف الآتية :
أ ) تحسين قدراته اللغوية وتحسينها بجانب الحفاظ على ما اكتسب من كفاية ، خاصة إذا كان قد سبق وعاش فترة في بلد أهل اللغة.
ب ) تزويد معلم اللغة العربية للناطقين بغيرها بالطرائق والوسائل والاتجاهات في مجال تعليم العربية ، وكذلك إطلاعه علي الأنشطة والتجارب التي من شأنها أن تساعد علي تطوير أدائه المهني ودفعه إلى التجديد في أداء عمله .
جـ ) مده بالبحوث والدراسات وتدريبه علي وسائل البحث والتقويم.
د ) إطلاعه وتوجيهه إلى التعرف علي المشكلات التي تواجه معلم ومتعلم العربية وكيفية التصدي لها ومعالجتها .
والوسائل التي يمكن أن تعين علي بلوغ الأهداف المذكورة في مجال التأهيل المستمر لمعلمي اللغة العربية للناطقين بغيرها متعددة وكثيرة منها:
أ ) توفير الكتب والمجلات والدوريات العلمية في مجال تعليم اللغات الأجنبية وبالذات في مجال تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها للمعلمين في مواقع عملهم . ومما يؤسف له أن هذا الأمر لا يتوفر بصفة دائمة خارج الوطن العربي ، وعلى مؤسسات تعليم اللغة العربية أن تولي هذا الأمر قدرا أكبر من الاهتمام بتقوية العلائق فيما بينها، والسعي إلى تبادل المطبوعات.
ب ) يعتبر تنظيم الدورات للوفاء بمتطلبات التأهيل المستمر أمرا ضروريا وملحا وان تباينت مدد هذه الدورات ومحتوي برامجها ، فالدورات قد تكون قصيرة (من أسبوع إلى أسبوعين) ، أو متوسطة (من أربعة أشهر إلى ستة أشهر) ، أو طويلة (من عام إلى عامين).
وللدورات أهداف مختلفة ، فالقصيرة تهدف إلى مد المتدربين ببعض المعلمات في المجالات التالية:
- أسس تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها.
- طرق تعليم اللغة العربية.
- طرق تدريس المهارات المختلفة وما تفرع منها من مكونات اللغة مثل الأصوات والمفردات والإملاء والنحو.
-التدريب العملي على تدريس مهارات ومكونات اللغة .
ويتطلع معلم اللغة العربية في مثل هذه الدورات إلى الحصول علي المراجع ، وكل ما من شأنه أن يعينه علي الدراسة المتأنية متى ما عاد إلى موقع عمله . ويلزم في الدورات القصيرة عدم إثقال كاهل المتدربين بالتفاصيل النظرية ، بل يجب التركيز على إشكاليات الممارسة والتطبيق ، كاستعمال المسجل في فصل تعليم اللغة العربية أو كيفية استعمال اللوحة الوبرية في تدريس الحوار أو التعبير الشفهي مثلا. ويفضل أن يكون المشاركون في مثل هذه الدورات من الذين خبروا تدريس اللغة العربية وتبينت لهم بعض المشاكل العملية ، ويرغبون في إيجاد الحلول المناسبة لها بمساعدة الخبراء المختصين ، ويبغون كذلك تبادل خبراتهم مع رفقائهم في هذا المجال.
أما الدورات المتوسطة الأجل، فبرامجها شبيهة ببرامج الدورات القصيرة، ولكن الآمال والطموحات المعقودة عليها أكبر ، وذلك بالنظر إلى مدتها وكثافة العمل الذي يتم أثناءها إذ إنه يمكن أن تغطي متطلبات عام دراسي كامل ، وعادة ما تكون الدورات المتوسطة نقطة البداية لتدريب معلمين يتولون فيما بعد تدريب غيرهم من المعلمين.
و أما الدورات طويلة الأجل ، فإنها تدخل في إطار ما يعرف بالتدريب التوجيهي ويحضرها المعلمون الذين تلقوا تأهيلا عاليا واكتسبوا خبرة طويلة في مجال تعليم العربية، وغالبا ما يكونون قد تولوا مسؤوليات قيادية في هذا المجال ، وقادرين علي التعرف علي المشاكل واقتراح الحلول وقادرين علي التخطيط المستقبلي.
والنقاش الذي يدور في الدورات الطويلة بين المشاركين الذين لديهم هذا الرصيد من الخبرة يعدّ عملا بناء وجم الفائدة كما أن برامج هذه الدورات غالبا ما تكون شاملة لكل مجالات تعليم العربية ، ابتداء من مشاكل مرحلة الإعداد اللغوي إلى مرحلة الدراسات والأبحاث النظرية والتطبيقية. ويطلب في نهايتها من المتدرب إنجاز بحث يعالج مشكلة من مشكلات تعليم العربية يكون قد خبرها ، وتتاح له الفرصة والإمكانات لإيجاد الحل الناجع لها .
الدراسة الميدانية
إندونيسيا
قام الباحث بإجراء دراسة ميدانية للتعرف على محتوى برامج إعداد المعلمين في عشر جامعات إندونيسية بها أقسام للغة العربية . وتم اختيار هذه الجامعات تبعا لطبيعتها (جامعات حكومية وأهلية تحت إشراف وزارة التربية ، وجامعات إسلامية حكومية تحت إشراف وزارة الشؤون الدينية ، وطائفة ثالثة هي المعاهد العليا للعلوم التربوية I.K.I.P.)، حيث تسهم جميعا في إعداد معلمي اللغة العربية.كذلك روعي التقسيم الجغرافي لهذه المؤسسات إذ غطت معظم ولايات إندونيسيا (جاكارتا وجاوة الغربية والوسطى وسومطرة وسلاويسي ) جدول رقم 1. يوضح الجامعات التي شملتها الدراسة.

جدول رقم 1. الجامعات التي شملتها الدراسة.
اسم الجامعة الكلية الموقع الجغرافي عدد المجيبين عن الاستفتاء
الجامعة الإسلامية الحكومية شريف هداية الله الآداب جاكارتا 14
الجامعة الإسلامية الإندونيسية الآداب جوكجاكرتا 10
الجامعة الاسلامية الحكومية إمام بنجول الآداب بادانج 10
الجامعة الاسلامية الحكومية التربية بالو 12
جامعة اندونيسيا الحكومية الاداب جاكارتا 13
جامعة حسن الدين الحكومية الآداب أجونج باندانق 12
الجامعة المحمدية سورا كارتا الدراسات الإسلامية صولو 11
المعهد العالي للعلوم التربوية التربية جاكارتا 12
المعهد العالي للعلوم التربوية التربية باندونج 14
المعهد العالي للعلوم التربوية التربية ميدان 11
المجموع 114
قام الباحث بمخاطبة أقسام اللغة العربية في الجامعات الإندونيسية المذكورة لمده بالمعلومات المتعلقة ببرامج إعداد المعلمين في مرحلة البكالوريوس ، وكذلك الدراسات العليا كما طلب مده بتفاصيل عن المقررات والساعات المعتمدة لها في خطط الأقسام الدراسية .
وقد تم جمع هذه المعلومات بواسطة الباحث شخصيا في أثناء وجوده بهذه الجامعات لتنفيذ دورات تربوية، أو إلقاء محاضرات، أو تنفيذ مهام في مقار هذه الجامعات، وذلك في الفترة ما بين سبتمبر 1998م ومايو 1999م.
كما قام الباحث بإعداد استفتاء مفتوح يتعلق بالعاملين بالجامعات الإندونيسية شملت أسئلة عن البيانات الشخصية للمعلم، ومؤهلاته الأكاديمية، وسنين خبرته في تعليم العربية، والتدريب الذي تلقاه في أثناء الخدمة، والصعوبات التي تقابله في تعليم العربية.
اكتفي الباحث بتطبيق هذا الاستفتاء علي معلمي اللغة العربية في الجامعات الاندونيسية ، لأن التأهيل الأساس الذي يتلقاه خريجو هذه الجامعات هو نفس التأهيل الذي يتلقاه العاملون في مجال تعليم العربية في المدارس الثانوية ، ولذا فهو مؤشر عن التأهيل السائد والأكثر شيوعا.

بروناي دار السلام
توجد حاليا في بروناي دار السلام جامعة واحدة هي جامعة بروناي دار السلام، ومن الكليات الحديثة في هذه الجامعة كلية الدراسات الإسلامية ، وتضم ثلاثة أقسام هي :قسم الشريعة الإسلامية، وقسم أصول الدين، وقسم اللغة العربية والحضارة الإسلامية. والعاملون في قسم اللغة العربية معظمهم متعاقدون ، لذا آثر الباحث تقصي محتوى منهج إعداد معلم اللغة العربية في المرحلة الثانوية في بروناى .
ولتحقيق هذا الغرض ، تم تصميم استفتاء وزع علي المشاركين في الدورة التدريبية القصيرة التي عقدت في الجامعة في شهر نوفمبر وحضرها 50 من معلمي اللغة العربية العاملين بالمدارس الثانوية التابعة لوزارتي التربية الشؤون الدينية. هدف الاستفتاء إلى جمع معلومات عن برامج الإعداد الأساس لمعلمي المرحلة الثانوية في بروناي دار السلام، ونوع التدريب الذي تلقوه في أثناء الخدمة والصعوبات التي تقابلهم في تعليم العربية.
نتائج الدراسة الميدانية
إندونيسيا
سأحاول في الصفحات التالية مناقشة النتائج التي أسفرت عنه إجابات أعضاء هيئة التدريس العاملين في الجامعات الإندونيسية والمتعلقة بمحتوى برامج إعداد معلمي اللغة العربية في كلياتهم المختلفة وكذلك برامج التدريب أثناء الخدمة.

1- نتائج استقصاء محتوى برامج إعداد معلم اللغة العربية في الجامعات الإندونيسية
أ) الجامعات الإسلامية الحكومية(كليات التربية والآداب) . اتضح من إجابات المسئولين عن أقسام اللغة العربية أن الخطط الدراسية في الجامعات الإسلامية الحكومية (كليات التربية والآداب) متشابهة في المحتوي وذلك لأنها تخضع جميعا لإشراف وزارة الشؤون الدينية ، وتحذو حذو الجامعة الإسلامية الحكومية شريف هداية الله . ويبدو أن الجامعات الإسلامية الأهلية تتقيد بهذه اللوائح حتى يتسنى لها الحصول علي اعتراف وزارة الشؤون الدينية بالشهادات الصادرة منها.
واتضح جليا أيضا من الإجابات أن الجامعات الإسلامية الحكومية والأهلية تولي أهمية كبري للغة العربية ، إذ إن نسبة الساعات المعتمدة لها في البرامج الدراسية تتراوح بين 71% و 75% من إجمالي عدد الساعات . وتدرس اللغة العربية في هذه الجامعات ضمن المجموعات التالية من المقررات الدراسية :
- متطلبات جامعة ( إجبارية على جميع الطلاب ).
- متطلبات كلية ( يتم تطبيق هذه المقررات بشيء من التمايز علي جميع الطلاب).
- متطلبات قسم (وهي لخدمة التخصص في القسم المعني ).
- مقررات اختيارية (الغرض منها تعميق المعرفة في مجال من مجالات التخصص في الأقسام المختلفة ) .
والدرجات التي يحصل عليها الخريجون في الجامعات الإسلامية الحكومية والأهلية هي الإجازة الأولى ( S1) ) ، والإجازة الثانية (S2) ) ، والإجازة الثالثة (S3) )، وتعني بالتوالي البكالوريوس والماجستير والدكتوراه .
وبما أنه لا تتوافر حاليا برامج للدراسات العليا في اللغة العربية ، سأكتفي بعرض برامج الإعداد في المرحلة الأولي. يدرس الطالب في هذا البرنامج 16 ساعة معتمدة في أربع سنوات ، وفي الجامعات الإسلامية الحكومية تعدّ اللغة العربية من متطلبات الجامعة، ويلزم الطالب دراسة ثمانية ساعات أسبوعيا ، كما أنها من متطلبات الكلية والقسم، ويلزم الطالب دراستها 16 ساعة معتمدة للوفاء بالغرض الأول، و76 ساعة للوفاء بالغرض الثاني . ولا تقدم هذه الجامعات لطلابها أي مقررات تربوية وإنما تكتفي بالمواد الأكاديمية والثقافية.
وأما كليات التربية في الجامعات الإسلامية الحكومية والأهلية، فيدرس فيها الطالب اللغة العربية من 54 إلى 60 ساعة ، أي 34,5% من إجمالي عدد الساعات المعتمدة، وعددها 160 ساعة , و58 ساعة من العلوم التربوية ، ومن 49 إلى 50 ساعة من العلوم الإسلامية ، أي 31% من الساعات المعتمدة ، وعليه فإن كليات التربية تتيح تدريبًا مهنيًا مناسبًا لطلابها مما يعينهم على أداء مهمتهم مستقبلا.
ب ) الجامعات الحكومية والأهلية (كليات الآداب) . تتبع هذه الجامعات وزارة التربية أو إنها تحت إشرافها ، وتضم كليات الآداب التي يغلب عليها الطابع الأكاديمي ويقل فيها الاهتمام باللغة العربية، ويدرس الطالب في المرحلة الجامعية الأولى 144 ساعة معتمدة في أربع سنوات دراسية. واللغة العربية ليست من متطلبات الجامعة ، ولكنها تشكل 54% من الساعات المقررة في متطلبات التخصص . وتخلو برامج هذه الكليات من أي مقررات في العلوم التربوية.

جـ) المعاهد العليا للعلوم التربوية. اتضح من إجابات العاملين في أقسام اللغة العربية في المعاهد العليا للعلوم التربوية أن هذه المعاهد اقتدت ببرامج معهد جاكارتا I.K.I.P.-Jakarta) ) ؛ حيث تبلغ نسبة المعهد الأكاديمية 50% والثقافية 20% والجانب المهني 30% . ويدرس في هذه البرامج مواد مثل : علم اللغة العام، والتحليل التقابلي بين العربية والإندونيسية وعلم اللغة الاجتماعي، والحضارة، والثقافة العربية، وطرائق تدريس العربية، والأسس العامة لمنهج تدريس العربية، وخصائص وأهداف منهج اللغة العربية في المدارس الثانوية . كما تتيح هذه المعاهد تدريبا عمليا لطلابها في المدارس الثانوية لمدة فصل دراسي. وعليه يمكن القول إن مناهج هذه المعاهد مواكبة للتوجهات الحديثة في مناهج تعليم اللغات لغير أهلها.

2-الخبرة المهنية والتدريب أثناء الخدمة
أسفرت الإجابات عن هذا السؤال عن النتائج التالية:
- مجموع أفراد العينة: 118
- سنوات الخبرة 20 عاما فأكثر : 5%.
15 عاما فأكثر : 22%.
10أعوام فأكثر : 33%.
5 أعوام فأكثر : 32%
______
المجموع 100 %
أما فيما يتعلق بالتدريب أثناء الخدمة ، فلقد أسفرت الإجابات عما يلي:
- عدد أفراد العينة : 118
- المشاركون في دورات قصيرة (في إندونيسيا) 4%
- المشاركون في دورات طويلة (خارج إندونيسيا) 2%
- المشاركون في دورات عموما (خارج إندونيسيا) 1%
________
المجموع 7%

كما أوضحت النتائج أن التدريب الذي تلقاه المعلمون المعنيون تم إما في المركز الوطني لتأهيل معلمي اللغات في جاكارتا أو في معهد العلوم الإسلامية والعربية في جاكارتا التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

3- الصعوبات في مجال تعليم العربية
أجاب أفراد العينة بأن 84% منهم حصلوا علي مؤهلاتهم في إندونيسيا و 61% تخرجوا في جامعات العالم العربي . ويمكن اعتبار هذا الأمر مؤشرا علي أنهم يجدون صعوبة في تعليم مهارات اللغة العربية ، خاصة وأن 82% أجابوا بأنهم يعلمون مواد اللغة العربية باستخدام اللغة الإندونيسية، كما أشار 91% من أفراد العينة بأن مؤسساتهم تحتاج إلى وسائل مساعدة في البيئة المدرسية والمجتمع تعين على تعليم اللغة العربية وأنهم يجدون صعوبات جمة في توفير هذه الوسائل للدارسين.
وأما عن الطرق المستخدمة في تعليم العربية ، فقد أسفرت النتائج عما يلي:
-62% طريقة النحو والترجمة.
-28% طريقة القراءة .
-10% الطريقة السمعية الشفوية .
وعن الوسائل المعينة علي تعليم العربية ، أجاب 22% بأنهم يستعملون الرسومات الإيضاحية بينما أجاب 5% بأنهم يستخدمون المعمل اللغوي أحيانا ، وترجع قلة استعمالهم له لعدم توافر المواد المطلوبة .

بروناي دار السلام
أجاب عن أسئلة الاستفتاء 50 من المشاركين في الدورة التدريبية القصيرة التي أقامها قسم اللغة العربية في جامعة بروناى دار السلام بالتعاون مع معهد العلوم الإسلامية والعربية . ولقد أسفرت الإجابات عما يلي :

1- المؤهلات التعليمية
أجاب أفراد العينة بأنهم تخرجوا في المؤسسات التالية:
- المعاهد والمدارس الثانوية 53%
- معاهد تأهيل المعلمين 15%
- جامعيون 26%
- مؤهلات أخري 6 %
________
100%


2 – سنوات الخبرة
أما فيما يتعلق بسنوات الخبرة المهنية ، فلقد أسفرت نتائج الدراسة عما يلي:
- عامان 29%
-أقل من خمسة أعوام 33%
-أكثر من خمسة أعوام 38%
ـــــــــــــ
100%
كما أجاب 87% بأنهم لم يسبق لهم تلقي دورات في أثناء الخدمة في مجال تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها ،وأنهم لم يشاركوا في مؤتمرات أو ندوات في مجال تخصصهم.
-طبيعة العمل في قسم اللغة العربية :
أجاب أفراد العينة بأنهم يعلمون المواد الآتية:
-لغة عربية 32%
-دراسات إسلامية 46%
-مواد أخري 22%
ـــــــــــــــ
المجموع 100%

وأما عن المهارات التي يعلمونها ، فقد أجاب أفراد العينة بما يلي :
- القراءة 91%
- الكتابة 89%
وعن اللغة المستعملة في التدريس ، فلقد أسفرت النتائج عما يلي:
-الملايوية 36%
-الملايوية والعربية 42%
-العربية 12%
ــــــــــــــ
المجموع 100%

4- الصعوبات في تدريس اللغة العربية
أجاب 75% من أفراد العينة أنهم يواجهون صعوبات في تعليم العربية بالعربية و89% أجابوا بأن الوسائل المعينة علي تعليم العربية غير متوافرة.

توصيات البحث
إندونيسيا
لقد وضح جليا مما أوردناه في طي هذا البحث أن إندونيسيا تبذل جهودا مقدرة للارتقاء بتعليم اللغة العربية ونشرها. وللإسهام في تطوير هذا التعليم يوصي الباحث بما يلي:
1-بما أن أعدادا كبيرة من خريجي الجامعات الإسلامية الحكومية والأهلية وكذلك خريجي الآداب في الجامعات الحكومية يلتحقون بسلك التعليم وبالذات في مجال تعليم العلوم الإسلامية واللغة العربية لغير الناطقين بها، أصبح لزاما على وزارتي التربية والشؤون الدينية توفير التأهيل المهني اللازم لخريجي هذه الجامعات قبل وبعد التحاقهم بالمؤسسات التعليمية المختلفة.
2-اتضح من برامج الإعداد المختلفة في المعاهد العليا للعلوم التربوية أنها متوازنة وتفي بالمتطلبات الأساسية المتعارف عليها في نظم تأهيل المعلمين ، ولكن الكفاءة اللغوية لخريجي هذه المعاهد يلزم رفعها وتطويرها وبخاصة مهارتي الاستماع والكلام. ولقد سبق أن أشار أحمد علي مدكور إلى ضرورة التركيز - في إعداد معلم اللغة العربية لغير الناطقين بها - علي الفنون الأساسية " ألا وهي الاستماع والتحدث والقراءة والكتابــــــــة [8] ، ص140. ولعل الخطوة الأولى في سبيل تحقيق هذه الغاية هي حث أعضاء هيئة التدريس في هذه المعاهد على تدريس هذه المناهج الجيدة التصميم بالعربية وأن يكونوا قدوة في تعليم العربية بالعربية، وذلك لأن التعليم عن طريق القدوة أجدى من التعليم عن طريق النصيحة .
3-على الجامعات الإندونيسية أن تسعى لتوفير ناطقين بالعربية ومؤهلين لتعليمها للناطقين بغيرها، وذلك للعمل في أقسام اللغة العربية والإسهام في تطوير تعليمها أسوة بأقسام اللغات الأجنبية الأخرى .
4-على أقسام اللغة العربية في الجامعات الإندونيسية اعتماد اللغة العربية لغة عمل فيها لأن ذلك قمين بتشجيع المعلمين والطلاب على ممارسة اللغة وإتقانها .
5- أوضحت الدراسة أن عددًا قليلاً من معلمي اللغة العربية أتيحت له فرصة الالتحاق بدورة أثناء الخدمة ، وعلى المسؤولين في الجامعات الإندونيسية ووزارتي التربية والشؤون الدينية إدراك أهمية التدريب أثناء الخدمة ، وأن من يمتهن مهنة التعليم يظل متعلما طول حياته ، كما عليهم السعي لرفع كفاءة المعلمين اللغوية لأن ذلك له مردود إيجابي على متعلمي اللغة العربية.
6- يناشد الباحث الجامعات العربية والمنظمات المعنية بنشر العربية إتاحة الفرصة لمعلمي اللغة العربية للدراسة في العالم العربي ، وتيسير سبل التحاقهم بهذه الجامعات، وتذليل الصعوبات التي تحول دون هذا الغرض، وبالذات معادلة شهادة خريجي الجامعات الإندونيسية بشهادات الجامعات العربية .

بروناي دار السلام
1- تحويل قسم اللغة العربية في كلية الدراسات العربية والإسلامية بجامعة بروناي دار السلام من قسم يخدم قسمي الشريعة وأصول الدين إلى قسم يمنح درجة البكالوريوس في اللغة العربية ويتيح في برامجه إعدادا أكاديميا ومهنيا لمعلمي اللغة العربية لغير الناطقين بها في بروناي.
2- على معهد السلطان حسن البلقية للتربية وكلية الدراسات الإسلامية في جامعة بروناي دار السلام التنسيق فيها بينهما لتنفيذ برامج في التدريب أثناء الخدمة لتدريب معلمي اللغة العربية ، وإسناد مادة طرائق تدريس اللغة العربية لقسم اللغة العربية لتدريسها باللغة العربية ( بدلا من اللغة الملايوية )، وكذلك الإشراف على برامج التدريب العملي لمعلمي اللغة العربية في المؤسسات التعليمية في بروناي .
3-على قسم اللغة العربية في جامعة بروناي دار السلام التخطيط لإنشاء دبلوم عام لتعليم العربية للناطقين بغيرها لمدة عام دراسي على أن يشتمل على وحدات دراسية في اللغة العربية والعلوم التربوية ، وتدرَّس باللغة العربية، وتتاح الفرصة لمعلمي اللغة العربية العاملين في وزارتي التربية والشؤون الدينية الالتحاق به، وذلك بغية رفع كفاءتهم اللغوية والمهنية .
4- على وزارتي التربية والشؤون الدينية التنسيق مع جامعة بروناي دار السلام للتخطيط لدورات تربوية قصيرة وطويلة لتأهيل معلمي اللغة العربية في بروناي حيث تملك الجامعة إمكانيات مناسبة في هذا المجال.

المراجع
[1] الشاطبي ، إبراهيم أبو إسحاق . الموافقات في أصول الشريعة ، بيروت: دار الفكر د. ت.
[2] ابن تيمية ، أحمد عبد الحليم . اقتضاء الصراط المستقيم في مخالفة أصحاب الجحيم ، بيروت : دار الفكر ، د.ت.
[3] نور العلم ، محمد غفران . "الصعوبات التي تواجه دارسي العربية وسبل التغلب عليها ." بحث ندوة تطوير اللغة العربية في الجامعات الإندونيسية : الواقع والمستقبل . الرياض : عمادة البحث العلمي ، جامعة الإمام محمد بن سعود الاسلامية، 1996 م، 209.
[4] خطيب الأمم. "تطوير تعليم اللغة العربية في المعاهد الإسلامية والعربية في إندونيسيا ." مجلة الموجه، 3 (1990م)، 46-75 .
[5] تشيك عبدالرحمن . " أفاق تعليم العربية ومعوقاته في جنوب شرق آسيا ." إسلامية المعرفة ، (1998)، 159-190.
[6] ظفر ، زمخشري "دور المؤسسات التربوية التقليدية في تعميم التعليم الأساسي في إندونيسيا." Studia Islamica , Indonesian Journal for Islamic Studies ، 1، ع1 (1994م) ، 47-69.
[7] الكلزة ، رجب أحمد " البرنامج التربوي لطلاب الدبلومة العامة في التربية وأثره في إكسابهم بعض الكفايات التدريسية ." مجلة كلية التربية ، جامعة الإسكندرية ، (1998م) ، 28-46.
[8] مدكور ، علي أحمد . تقويم برامج إعداد معلمي اللغة العربية لغير الناطقين بها ، الرباط: منشورات المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ، 1986م .

























Forming Instructors of Arabic in Indonesia and Brunei Darussalam

Abdelrahman Musa Abakar

Assistant Professor, Dept. of Arabic,
University of Brunei Darussalam

Abstract. This Study comprise two parts ; the first part is a general survey of the situation of teaching Arabic in Indonesia and Brunei and the programs of training teachers of Arabic in the institutions of higher learning in Indonesia and the University of Brunei Darussalam . The will also deal , in this part , with in-service training programs in Indonesia and Brunei Darussalam as well as with the modalities of training teachers and the modern trends in training teachers of Arabic to speakers of other languages.
The second part of the study is field work conducted in ten Indonesian universities ( with departments of Arabic ) and during a training course held at the University of Brunei Darussalam for training teachers of Arabic in Brunei secondary schools.
Two questionnaires were distributed to respondents aiming at clarifying the following :
1- Content of the curricula of colleges for training teachers of Arabic .
2- Actual training received by university and secondary school instructors of Arabic in Indonesia and Brunei Darussalam .
The author analyzed the data , drew the conclusions of the study , and came forward with suggestions aiming at improving the quality of training teachers of Arabic in Indonesia and Brunei Darussalam .


تأهيل معلمي اللغة العربية في إندونيسيا وبروناي دار السلام تأهيل معلمي اللغة العربية في إندونيسيا وبروناي دار السلام Reviewed by marbun on 7:49 AM Rating: 5

Post AD