Header AD

تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها في إندونيسي: وقائع ومشكلات وتطورات

اعداد : محمد علي زمراني

مكانة اللغة العربية في العالم

ان اللغة العربية تعد من أهم اللغة العالمية في عالمنا المعاصر,نظرا لما تمتع من ماض عريق وجدور ثابتة وحاضر لا يقل عن ماضي يرجع في التاريخ إلى أكثر من 1600 عام. ولا توجد لغة على ظهر الأرض لها مثل هذه الخاصية. فالقرآن الكريم والحديث الشريف والشعر الجاهلي وأدب صدر الإسلام والأدب الأموي وتراث العصر العباسي وما تلاه, ليس مجرد تراث تاريخي مرحلي, بل هو معين فكري-لغوي حي لا تغترف منه الثقافة العربية المعاصرة فحسب, بل إنه هو ذاته قسم أساسي قائم برأسه من حصيلة الثقافة العربية الماضية. وهي (اللغة العربية) من بين اللغات الدول الخمس (إنجليزي وفرنساه وروسيا وجرمان ويبان ) التي كان لها دور رئيسي من حمل الحضارة البشرية إلى جانب الصينية القديمة والسينسيكريتية واليونانية. ولها مساحة كبيرة وحضارة غطت قارات العالم وهي إحدى اللغات الكبرى للمجتمع الدولي بفضل اتساعها الإقليمي وعدد الناطقين بها وتأثيرها المباشر وغير المباشر على اللغات. وبالتالي فهي اليوم إحدى اللغات المعتمدة لدى المنظمات الدولية كهيئة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة المعتمر الإسلامي .

واقع تعليم الغة العربية في إندونيسيا ومشكلاته وتطوراته
إن دولة اندونيسيا كسائر الدول الأفريقية الشمالية والغربية لم تكن عن معزل من تأثير اللغة العربية فيها سواء في الماضي أو الحاضر حيث تعد اللغة العربية من أول اللغات العالمية التي دخلت في إندونيسيا مع دخول الإسلام فيها, ومنذ ذلك العصر هي لغة التعليم في المجالس العلمية والمعاهد الإسلامية والمدارس الإبتدائية الإسلامية والمتوسطة الإسلامية والثانوية الإسلامية حتى الجامعة الإسلامية.

وكان تعليم اللغة العربية في إندونيسيا قد مر بمراحل التطور الملحوظ منذ أن كانت تُعلّم عن طريق الخفظ والترجمة لأغراض الدينية إلى ان يكون تعليمها يسبر على نهج حديث, وللأهداف الأوسع نطاقا، وعن طريق الوسائل التكنولوجية الحديثة، وذلك في إطار مواكبة الاتجاهات الحديثة في تعليم اللغات الأجنبية.
ولكن جدير بالذكر هنا أن هذه التطورات لا تعني بالضرورة أن مجال تعليم اللغة العربية في اندونيسيا قد تلخص من كل مشاكل. فعلى الرغم من تطوره الملحوظ إلا أن تعليم اللغة العربية في اندونيسيا –شأن تعليم اللغة العربية في معظم الدول الأجنبية- ما زال يتعرض لمشاكل منهجية كثيرة يمكن ذكرأهمها كما يلى :

أولا، صياغة الأهداف. إن الأهداف الرئيسية من تعليم اللغة العربية في إندونيسيا ما زالت تتقيد إلى حد كبير بالأهداف الدينية. وأهم هذه الأهداف تنكين الطلاب من فهم القرآن والأحاديث وغيرهما من النصوص العربية الدينية. وأهم ما يترتب على تحديد مثل هذه الأهداف تركيز تعليم اللغة العربية على الإلمام بالقواعد العربية وتنمية مهارة الترجمة إذ إن لهما صلة وطيدة بفهم النصوص العربية وترجمتها. ولعل خير ما يتمثل هذ الإتجاه صياغة أهداف منهج تعليم اللغة العربية الذي وضعته وزارة الشئون الدينية الإندونيسية حيث تنص أن الهدف الرئيسي من تعليم اللغة العربية هو تزويد الطلاب بخصائص اللغة العربية خاصة الجوانب القواعدية.

ثانيا، المواد التعليمية ،أن الأهداف التي يرمى إليها اللغة العربية هي الأهداف الدينية المركزة على تعليم القواعد فمن شأنه أن يتركز محتوى المواد الدراسية على مواد النحو والقواعد. وتستمد هذه المواد من كتب قواعد النحو العربية مثل جامع دروس اللغة العربية والنحو الواضح والأجرومية وغيرها من كتب القواعد التي لا يهدف إعدادها وتأليفها أصلا لتكون كتب التعليم. لقد أشار أحمد شبلي بعد أن قام بمسح ميداني في مراكز تعليم اللغة العربية بإندونيسيا في السبعينات على هذه المشكلة مؤكدا أن من أهم ما يفتقر إليه تعليم اللغة العربية هو انعدام كتب التعليم وأن التعليم يسيرعلى نهج خاطئ إذ أنه يعتمد على الكتب النحوية وليس على الكتب التعليمية.

ثالثا، طرائق التدريس. إن طريق التدريس التي شاع استخدامها في تعليم اللغة العربية في إندونيسيا هي طريق النحو والترجمة. ذلك لأنها تناسب ما تستتبعه أهداف التعليم ومواده المركزة على القواعد والترجمة. إضافة إلى ذلك، إن هذه الطريقة تسمح إلى حد كبيراستخدام اللغة الأم في عملية التعليم وهذا ملجأ آثره عدد غير قليل من المعلمين في إندونيسيا الذين لا يتمتعون بما يكفي من مهارة التحدث باللغة العربية, ومن قصورهذه الطريقة أنها تفتقر إلى أسس منهجية ولا إلى أسس لغوية تربوية وقد أكد العلماء أنها قد ثبت فشلها في تعليم اللغة العربية بنتيجة مرضية فى معظم الدول الأجنبية الناطقة بغير العربية.

رابعا، المعلمون. ومن االمشاكل التي تتعلق بمعلمي اللغة العربية في إندونيسيا(1) أن معظمهم ليسوا من المتخصصين في تعليم اللغة الأجنبية أو العربية على وجه التحديد وليس لديهم مؤهلات علمية في مجال تعليم اللغة ومنهجه. إنما معظمهم ملمون بقواعد اللغة العربية وترجمة نصوصها أو خريجو جامعات الشرق الأوسط المتخصصون في مجلات العلوم غير اللغة العربية. (2) أن معظمهم لم يتلقوا تدريبات إعداد المعلمين سواء كان قبل الخدمة أو أثنائها مما يمنعهم من تحسين أدائهم التعليمي . (3)أن معظمهم لا يقدرون على الاتصال باللغة العربية مما يجعلهم مضطرين إلى استخدام اللغة الإندونيسية في عملية التعليم –الأمر الذي يقف وراء شيوع استخدام طريقة النحو والترجمة في مراكز تعليم اللغة العربية في إندونيسيا.
خامسا، وسائل التعليم، الوسائل الأكثر استخداما في تعليم اللغة العربية في إندونيسيا هي الوسائل البصرية (visual aid) مثل السبورة. أما الوسائل السمعية والوسائل السمعية البصرية فلم يشع توظيفها –بل توفيرها– في مراكز تعليم اللغة العربية في إندونيسيا. قد سبق أن شاء توفير الوسائل السمعية والسمعية البصرية في السنوات الماضية في بعض مراكز تعليم اللغة العربية في إندونيسيا تبعا لاستخدام سلسلة تعليم اللغة العربية مثل العربية للناشئين، إلا أن هذه الوسائل التعليمية لم يحسن توظيفها ولم يستفد كل من المعلمين والطلاب بصورة فعالة.

هناك عدة أسباب تؤدي إلى مشكلة توفير الوسائل التعليمة واستخدامها في تعليم اللغة العربية في إندونيسيا، يمكن ذكر أهمها كما يلي :

أ‌. إن التركيز البالغ ع More
تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها في إندونيسي: وقائع ومشكلات وتطورات تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها في إندونيسي: وقائع ومشكلات وتطورات Reviewed by marbun on 7:46 AM Rating: 5

Post AD